مقالات
١٨‏/١٢‏/٢٠١٣ Fiat Lux | أنطوانيت نمّور

عاين الطفل

عاين الطفل، عاين الخلاص‫:

 

تذكير من بيت لحم

 

غير المتناهي طفلٌ‫… أزليّ ومولودٌ من إمرأة‫: هو الميلاد الأوّل في بيت لحم

 

بعد مضي ٣٢٦ سنة، أمرت القدّيسة هيلانة، والدة الأمبراطور قسطنطين، ببناء كنيسة فوق مغارة، يُعتَقَدُ أنّها مكان ولادة يسوع المسيح في بيت لحم، ومعنى اسم القرية « مدينة الخبز ».

ومنذ ذاك الحين تُعتَبَرُ كنيسة المهد في بيت لحم واحدة من أقدم الكنائس التي لا تزال تستمر بإقامة الخدمة . واليوم يقف جدارها الخارجي الضخم  الشبيه بقلعة شاهداً على تاريخها الذّي عانى اضطرابات كثيرة: إذ على مدى قرون طويلة بقيت هذه الكنيسة من أكثر الأماكن المقدسة المُتنازع عليها.

 

وبعد أن التهمت النّار الكنيسة التي بناها قسطنطين، أمر الأمبراطور يوستينيانوس ببناء الكنيسة الحاليّة عام ٥٣٠.

 

عام ٦١٤ بالرغم من اجتياح المسلمين المغاربة لبيت لحم وتدمّيرها، نجت الكنيسة بفضل العناية الإلهية.

 

تمّ تجديد البازيليك من الداخل خلال فترة الحملات الصليبيّة، ولكّن حالها تردّى في زمن حكم المماليك والعثمانيين.

 

 أما اليوم، حين نقترب من البناء، تطل علينا واجهة كنيسة المهد محاطة بالجدران العالية للأديار الثلاثة التي تحتضنها: دير الفرنسيسكان من الجهة الشماليّة الشرقيّة، وديري الروم الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس من الناحية الجنوبيّة الشرقيّة. وتتولى هذه الكنائس الثلاثة رعاية البازيليك منذ عام ١٨٥٢.

 

 في مدرسة الرّوح، يكتسب الإنسان الحكمة عبر الإتّضاع، إذ يُقال أن أبواب الجنّة منخفضة جدّاً، وحده المتواضع يستطيع الدخول اليها.

 

 التواضع هو الفضيلة الأولى التي نلتقي بها عند مدخل كنيسة بيت لحم الذائعة الصيت.

 

« باب التواضع » هو مدخل الكنيسة الصغير المربّع الشكل، يحثّ حتى ذاك الأعظم بين زوارها على النزول عن صهوة كبريائه، لينحني وهو داخلٌ هذا المكان المقدّس.

 

 والبازيليك هي كناية عن مبنى مستطيل الشكل، مع ثلاثة حنيات نصف دائريّة تعطي شكل الصليب. وبعكس ما توحيه الأسوار الخارجيّة القشفة، نجد داخل الكنيسة مزيّن بجدرانيّات وفسيفساء وبأعمدة رخاميّة. تصميم هذه البازيليك التي تعود الى عصور المسيحيّين الأوائل يهدف الى إعطاء صورة المسيحيّ الحقّ، شكلٌ بسيطٌ من الخارج، وجمالُ روح مشعّ من الداخل.

 

  وحين نكمل الى العمق، نجد ما هو دون شكَّ  أهمّ جزء في الكنيسة: مغارة الميلاد، التي تقع اليوم وراء المذبح الذي هو حالياً في عهدة الكنيسة الأورثذكسية . درج نصف دائريّ يقودنا الى مدخل ضيّق…

 

في المغارة التي تكرّم منذ القرن الثاني على الأقّل كمكان ولادة المسيح، نجد نجماً فضيّاً ذو أربعة عشر شعاعاً  يمتد على الأرض الرخاميّة و يشير الى ما يُعتقد أنه موضع الولادة المقدسة . وهناك يمكن للمرء أن يقرأ: هنا، من العذراء مريم، وُلِدَ يسوع المسيح.

 

 في المغارة تحت كنيسة المهد ،نجمة بيت لحم هذه مضاءةٌ بخمس عشرة سراج فضّي تمثّل الجماعات المسيحيّة على اختلافها.

 

 ومن هذا المكان المقدّس، حيت شهد العديدون ولادةَ النور للعالم، يتردد صدى صوت يذكرنا كلّنا:

 

 أهمية أن تعكس جماعاتنا المسيحيّة بأسرها هذا النور، لكيما يعاين العالم الله فينا ومن خلالها، فيُعلن: أنا أرى الطفلَ، أنا أرى الخلاص.

 

 

صور