مقالات
١٣‏/١‏/٢٠١٤ Fiat Lux | أنطوانيت نمّور

إسمها أماليا

 

كانت السنة الجامعية الثانية و كنّا حريصين على أن نكون دائمي الجهوزية لأيّ إمتحان... وفي أحدها كنت قد أبليت حسنًا حتى وصلت إلى السؤال الأخير... أعدت القراءة ومِلئي الإستغراب:

"ما هو الاسم الأول للمرأة التي تنظف درج المبنى ج (وهو مبنى الكلية )؟"

وفيما كنت أفكر في نفسي أنّ أستاذي لا بد أنّه يمزح... كنت أحاول إسترجاع صورة تلك المرأة الخمسينيّة الطويلة القامة، ذات الشعر الداكن. لكن إسمها؟؟ كيف لي أن أعرفه!! سلّمت ورقتي تاركةً السؤال الأخير دون جواب. وقبل نهاية الحصّة إرتفع صوت أحد التلامذة متسائلاً إذا كانت علامة السؤال الشهير محتسبة ضمن الإمتحان. 

"بالتأكيد، أجابه الأستاذ، فخلال حياتك المهنيّة، سوف تقابل الكثير من الناس. كلّهم يستحقون الاهتمام، حتى لو كان كلّ ما عليك فعله هو أن تبتسم وتُلقي التحيّة بالإسم!!"

 يقول الربّ على لسان النبيّ أشعيا "هوذا على كفّي نقشت إسمك" (16-49) فهو لا يكتفي أن يعرفنا بالإسم بل ينقش أسم كلّ منّا على كفه علامة محبته الشخصية لنا باسمائنا. ويُنقل عن آباء الكنيسة أنّه من العادات الشرقيّة القديمة أن ينقش الإنسان اسم محبوبه على كفّه، علامة أنّه لن ينساه حتى الموت، وأنّ كلّ ما يعمله بيديه إنّما لحساب محبوبه. وها هو الربّ قد نقش اسم كنيسته المحبوبة لديه على كفّه بالمسامير، لتبقى آثار الجارحات علامة حبّ أبديّ... يعلن بصليبه صداقة فريدة شخصيّة، خلالها نتمتع بحبّ إلهيّ فائق واتّحاد مع الله لا يقدر الزمن ولا تستطيع الأحداث أن تُحطّمه. 

ذاك اليوم خرجت من القاعة وقد تعلّمت أهميّة الالتقاء بالآخر وأهميّة أن نكون صورة ذاك المخلّص، الذي يدخل إلى الأعماق ويقيم عالم من نور ومحبّة... وقد علمت أيضًا أنّ خانة الإجابة في السؤال الأخير لن تظلّ فارغة: إسمها أماليا.

 

 

 

 
صور