عظات
٢٤‏/١٠‏/٢٠١٦ زمن التذكارات | الأب بيار نجم ر.م.م

أحد الكهنة

في الآيات التي تسبق هذا النص، يدعو يسوع الجماعة الى ضرورة السهر والاستعداد لمجي السيد، وفي الآية 42 جوابا على سؤال بطرس يتجه الرب بكلامه مباشرة للتلاميذ.

في الدعوة الاولى كان التشديد على ضرورة التنبه الشخصي اما بالنسبة للتلاميذ فالمسؤولية أكبر، لأنهم مدعوون للتيقظ ليس على انفسهم وحسب انما على الجماعة التي اُكلت خدمتها اليهم.

(لوقا 12/ 42-48)

فأجابَهُ الرَّبُّ يَسوعُ مَنْ هوَ الوَكيلُ الأمينُ العاقِلُ الذي يُوكِلُ إلَيهِ سيِّدُهُ أنْ يُعطيَ خَدمَهُ وجبَتَهُم مِنَ الطَّعامِ في حِينِها هَنيئًا لذلِكَ الخادِمِ الذي يَجدُهُ سيِّدُهُ عِندَ عودتِهِ يَقومُ بِعمَلِهِ هذا. الحقَّ أقولُ لكُم إنَّهُ يُوكِلُ إلَيهِ جميعَ أموالِهِ. ولكِنْ إذا قالَ هذا الخادِمُ في نَفسِهِ سيتأخَّرُ سَيِّدي في رُجوعِهِ، وأخَذَ يَضرِبُ الخَدَمَ، رِجالاً ونِساءً، ويأكُلُ ويَشرَبُ ويسكَرُ، فيَرجِعُ سيِّدُهُ في يومٍ لا يَنتظِرُهُ وساعَةٍ لا يَعرِفُها، فيُمَزِّقُهُ تَمزيقًا ويَجعَلُ مَصيرَهُ معَ الخائِنينَ. فالخادِمُ الذي يَعرِفُ ما يُريدُهُ سيِّدُهُ ولا يَستَعِدُّ ولا يَعمَلُ بِإرادةِ سَيِّدِهِ، يَلقى قِصاصًا شَديدًا. وأمَّا الذي لا يَعرِفُ ما يُريدُهُ سيِّدُهُ ويَعمَلُ ما يَستَحِقُ القِصاصَ. فيَلقَى قِصاصًا خَفيفًا. ومَنْ أُعطيَ كثيرًا يُطلَبُ مِنهُ الكثيرُ، ومَنِ ا‏ئتُمِنَ على كثيرٍ يُطالَبُ بأكثَرَ مِنهُ. 

الوكيل الامين العاقل: يعطي الرب للتلميذ صفة الوكيل، وحرفيا في اللغة اليونانية تعني هذه الكلمة واضع قانون البيت، اي المولج بادارة البيت، وهو ما يميزه عن سائر الجماعة: في كلامه للمجموع اعطى الرب صفة "عبد" (آية 37) اما التلميذ فهو القيم، اي حامل مسؤولية سائر العبيد.  لا نفهم من هذا ان الوكيل هو اعلى من العبد، ففي الآية اللاحقة يعود الرب فيسميه "عبداً" ليذكّره ان وظيفته ليست للاستعلاء على سائر العبيد، انما لادارة شؤونهم وخدمتهم. الوكيل، وان كان قد وضع مسؤولا عن سائر الخدم، يبقى واحدا منهم دعي الى خدمتهم.

 

في أوانه: هي اشارة الى ضرورة البقاء على اهبة الاستعداد للخدمة: هي ليست عملا يقوم به الوكيل مرة واحدة، انما عدة مرات في اليوم، عمل يتكرر كل يوم. هذا الاستعداد يعكس الاستعداد الذي على التلميذ التميز به في انتظاره للرب، وكأن لوقا يقول ان الاستعداد لمجيء الرب وانتظاره يبلغان كمالهما في البقاء مستعدين لخدمة افقر فقراء المسيح.

 

سيدي يتأخر عن المجيء: هي آية تعكس وضع الجماعة الكنسية الاولى، فالكنيسة كانت تتوقع مجيء السيد بين يوم وآخر، ومع مر الزمن، صارت الاضطهادات تتفاقم ومجيء المسيح لم يأت بعد، صار بعض المسيحيين يفقدون ضرورة الايمان ويميلون نحو الخيار الاسهل.

 

اليوم والساعة هي عبارات كتابية تشير الى البعد الاسختاتولوجي لمجيء يسوع، مجيء لا يمكن لأحد تحديد زمانه او طريقته، هي دعوة الى الجماعة الكنسية للثبات والترقب وعدم الفتور في الايمان.

 

يَفْصله: حرفياً يقطعه الى جزئين، وهذه العبارة العنيفة تذكّرنا بقوة العقاب الذي يناله الاعداء في مثل الوزنات (لو 19-27) انما هذه العبارة تعني ليست فقط العقاب الجسدي، انما من الناحية الكنيسة والروحية هي الانفصال عن جماعة المعمّدين والخروج من الكنيسة، لتكون حصته بين الاشرار هو الذي طُلب منه اعطاء كل واحد حصته في وقتها.

 

العبد الذي عرف والعبد الذي لم يعرف:  العقاب يكون نسبة الى مدى وعي ومعرفة الشخص للشر الذي يقترفه، وهذا القول هو اعادة من قبل لوقا لما ورد في العهد القديم "واي انسان تعمّد الخطيئة... فليُفصل فصلا" (عد 15، 30): وبهذا القول يعلن لوقا المسيح كموسى الجديد المعطي الشريعة تمامها.