مقالات
٢٢‏/١١‏/٢٠٠٨ تعليم الكنيسة | الأب بيار نجم ر.م.م

تجديد مواعيد المعموديّة

يقول تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة: "امّا بالنسبة لجميع المعمّدين، أطفالاً كانوا أم بالغين، فالإيمان يجب أن ينمو بعد المعموديّة، لهذا السبب تحتفل الكنيسة كلّ عام، في ليلة الفصح (بالنسبة للكنيسة اللاتينيّة)، بتجديد مواعيد المعموديّة.  إن التحضير للمعموديّة تقود فقط الى عتبة الحياة الجديدة، والمعموديّة هي ينبوع الحياة الجديدة في المسيح، ومنها تنبع الحياة المسيحيّة بأكملها" (تعليم الكنيسة الكاثوليكيّة 1254).

- المعموديّة هي سرّ الإيمان: كُلُّ مَنْ يُؤمِنُ ويتَعَمَّدُ يَخلُصُ، ومَنْ لا يُؤمِنُ يَهلِكُ مر 16، 16.

- المعموديّة هي التزام بمنطق المسيح:

معنى المعموديّة هو أن نؤمن ان سبب حياتنا ووجودنا هو حبّ الله لنا، ونحن موجودون لأن الله أحبّنا وأعطانا الحياة.  المعموديّة هي إعلان لهذه الحقيقة، أنا موجود لا بقوّتي الشخصيّة، إنّما لأنّ الله قد أحبّني.

أنا موجود في العالم وفي التاريخ، والعالم يقدّم لي أحياناّ منطقاً عنيفاً أو ماديّاً، العالم يضع الله على الهامش أو يسعى إلى الغاءه، يضع المادّة والربح والّلذة في الصميم، يحتقر الضعيف وينسى الفقير ويهمّش المختلف.  العالم يبدو أحياناً مكان صراع سياسيّ أو دينيّ أو عرقيّ، يقيّم الإنسان بحسب لونه أو دينه أو جماله أو بحسب إمكانيّاته الماديّة.

إنّما هذا العالم نفسه هو عالم خلقه الله ورآه في البدء حسناً، وبالتالي فهو مكان يجب أن يعكس صورة الله الخالق.  إنما خطيئتنا نحن وكبريائنا وحبّ السلطة والنزعة الى العنف والرغبة في تملّك المادّة واستعباد الآخر بالشهوة جعلت العالم يفقد جماله الأصليّ.  إن الشرّ الموجود في العالم ليس سببه العالم بذاته، لأنّ الله خلقه جميلاً، ولا سببه الله، لأنّ الله محبّة، أن الشرّ في العالم هو بسبب خطيئة الإنسان الّذي يريد أن يضع الله جانباً ويجعل من نفسه إلهاً لهذا العالم.  دعوة المعمّد ليس الهروب من العالم إنّما تغييره وجعله أكثر جمالاً.

كلّ إنسان هو إذاً أمام خيارين: إمّا تبنّي منطق العالم الحاليّ، والإقتداء به، وإمّا العمل على تبديله وتحويله أكثر الى صورة الله خالقه.  أمّا أن أحيا بحسب منطق الخطيئة القاسي، الظالم، الماديّ، الحاقد، العنيف والمنتقم وإمّا أن أعتنق منطقاً آخر، منطقّاً يعيد الى العالم صورته الأصليّة، منطق بشّر به يسوع المسيح، منطق الرحمة، منطق الرّوح، الحبّ، السلام والمغفرة.  إمّا أن أبيد الآخر لأصل الى مبتغاي أو أن أهب حياتي في سبيل الآخر وأعمل على خلاصه الجسديّ والفكريّ والروحيّ.

الإنسان مدعوّ من منطق العالم الحاليّ لأن يكون جزيرة لا يربطه شيء بالآخرين إلاّ رباط المصالح الخاصّة، أو أن يكون في جماعة، يعمل مع الآخرين في سبيل الخير العام ونشر منطق السلام والمحبّة في حياته اليوميّة.

المعموديّة هي، كما يقول بولس الرسول، أن ألبس المسيح، أي أن آخذ قناعات المسيح وأحمل تعاليمه وأعلنها وأبشّر بها.

المعموديّة هي فعل التزام شخصيّ بنشر إنجيل السلام، ومنطق المغفرة والمصالحة.  هي التزام يوميّ بأن أرى في كلّ إنسان أخ لي وأخت، بصرف النظر عن لونه ودينه وانتماءه السياسيّ ومكانته الإجتماعيّة.

المعموديّة هي قناعة بأنّي أقدر بقوّة الله على تغيير العالم، ولو قليلاً، في حياتي اليوميّة، في تعب العمل، في تحصيل العلم، في بناء العائلة، في التكرّس الرهبانيّ والكهنوتيّ.  المعمّد هو جنديّ يكافح من أجل المسيح ومن أجل خير إخوته البشر.

 

المعموديّة هي ثمرة الإيمان:

أن اتعمّد يعني أن أعلن أنيّ أحيا لله وأومن بأنّه يحبّني، يرافقني ويريدني ان أبلغ ملء سعادتي على الأرض وفي الحياة الأبديّة، والسعادة هذه من وجهة النظر المسيحيّة هي أن أحيا سلام القلب ونقاء الضمير، أن أحيا بموجب قناعاتي ولا البس أوجه متعدّدة.

هي أن أومن أن سبب وجودي في هذا العالم ليست الصدفة أو الطبيعة، أنّما هو حبّ الله لي، حبّ ظهر بتجسّد يسوع المسيح من أجلي، أخذ طبيعتي ليشاركني في حالتي الإنسانيّة ويعلّمني أن أكون مثله: في إنسانيّتي أقدر ان أغفر لمن أساء إليّ، أن أقف الى جانب المظلوم ولا أخاف الحكم البشرّي، أن أعزّي الحزين، وأداوي المجرّح والمتألّم، أن ابلسم جراح البشر بكلمة الرحمة كما فعل يسوع، أن أشفي الأبرص، أي من استهلك جسمَه وروحه بالخطيئة، أن أردّ الخاطىء إلى التوبة دون دينونة وقساوة قلب، أن أضحّي في سبيل الآخر كيسوع الّذي مات من أجلي على الصليب، وأن أطلب من الله المغفرة لمن يقتلني كلّ يوم.  بعبارة أخرى، أن أعتمد يعني أن ألبس منطق المسيح وفكره، أن احمل إنجيله، أن اصبح مسيحاً آخر في عالم اليوم.

- المعموديّة تعني ان اؤمن أن يسوع أعطاني المعنى الحقيقيّ لحياتي، وأن حياتي تنبع منه وتتّجه اليه، صار يسوع دستور حياتي.  أن أعتمد يعني أن أتبنّى الحب، حبّ الله وحبّ الآخر، كدستور لحياتي، دستور غير قابل للتعديل، حتّى لمرّة واحدة.

 

نتائج المعموديّة:

بعموديّته ينال المؤمن نعماً إلهيّة أساسيّة وضروريّة لخلاصه، والنتيجتان الأساسيّتان هما:

- التطهّر من الخطايا

- الولادة الجديدة بالروح

المعموديّة لمغفرة الخطايا: بالمعوديّة تُغفَر كلّ الخطايا، الخطيئة الأصليّة وكلّ الخطايا الشخصيّة، ومعها كلّ عقوبات الخطيئة.  لا يبقى في المعمّد شيء يعيقه عن الدخول في ملكوت الله، لا خطيئة آدم ولا الخطايا الشخصيّة، ولا نتائج الخطيئة، وبخاصة النتيجة الأخطر التي هي الإنفصال عن الله (تعليم الكنيسة 1263).

المعمّد هو خليقة جديدة:

إن المعموديّة لا تنقّي من الخطايا وحسب إنّما تجعل من المعمّد خليقة جديدة، كما يقول بولس الرسول: "وإذا كانَ أحَدٌ في المَسيحِ، فهوَ خَليقَةٌ جَديدةٌ: زالَ القَديمُ وها هوَ الجديدُ" (2 قور 5، 17)، وابن لله بالتبنيّ "والدَّليلُ على أنَّكُم أبناؤُهُ هوَ أنَّهُ أرسَلَ رُوحَ ابنِهِ إلى قُلوبِنا هاتِفًا: أبي، يا أبي فَما أنتَ بَعدَ الآنَ عَبدٌ، بَلْ ابنٌ، وإذا كُنتَ ابنًا فأنتَ وارِثٌ بِفَضلِ اللهِ." (غل 4، 6-7)، ومشارك في الطبيعة الإلهيّة "فمَنَحَنا بِهِما أثمَنَ الوُعودِ وأعظَمَها، حتّى تَبتَعِدوا عمّا في هذِهِ الدُّنيا مِنْ فَسادِ الشَّهوَةِ وتَصيروا شُرَكاءَ الطَّبيعَةِ الإلَهِيَّةِ (2بط 1، 4)، وأعضاء في جسد المسيح "أمَا تَعرِفونَ أنَّ أجسادَكُم هيَ أعضاءُ المَسيحِ؟" (1قور 6، 15) وشركاء معه في الميراث "وما دُمنا أبناءَ اللهِ، فنَحنُ الورَثَةُ: ورَثَةُ اللهِ وشُركاءُ المَسيحِ في الميراثِ، نُشارِكُه في آلامِهِ لِنُشارِكَهُ أيضًا في مَجِدِه" (روم 8، 17) وهياكل للرّوح القدس "ألا تَعرِفونَ أنَّ أجسادَكُم هِيَ هَيكَلُ الرُّوحِ القُدُسِ الّذي فيكُم هِبَةً مِنَ الله؟ فَما أنتُم لأنفُسِكُم، بَلْ للهِ. هوَ اشتَراكُم ودَفَعَ الثَّمنَ. فمَجِّدوا الله إذًا في أجسادِكُم. " (1قور 6، 19-20).

 

عمل الثالوث القدّوس في المعموديّة:

إن الثالوث الأقدس يعطي للمعمَّد النعمة المقدِّسة، نعمة التبرير التي:

- تجعله قادراً على الإيمان بالله، قادراً على الرجاء وأن يحبّ الله بواسطة الفضائل الإلهيّة: الإيمان والرّجاء والمحبّة.

- تجعله قادراً ان يحيا منقاداً للرّوح القدس بواسطة مواهب الرّوح القدس نفسه.

- تجعله قادراً على ان ينمو في الصلاح بواسطة الفضائل الأدبيّة.

لذلك فإن الحياة فائقة الطبيعة التي يحياها المسيحيّ تجد جذورها في العماد المقدّس.

 

بالعموديّة نصبح أعضاء في جسد الكنيسة:

المعموديّة تجعل منّا أعضاء في جسد المسيح، "وليَتكَلَّمْ كُلُّ واحدٍ مِنكُم كلامَ الصِّدقِ معَ قَريبِهِ لأنَّنا كُلَّنا أعضاءٌ، بَعضُنا لِبَعضٍ" (أف 4، 25).  إن المعموديّة تجعلنا ندخل في جسد الكنيسة، ومن جرن العماد يولد شعب الله الواحد، شعب العهد الجديد الّذي يتخطّى حدود الأمم الطبيعيّة والإنسانيّة، ويتخطّى حدود الثقافات، والأعراق والجنس، لأنّنا "كُلُّنا، أيَهودًا كُنَّا أم غَيرَ يَهودٍ، عبيدًا أم أحرارًا، تَعَمَّدنا بِرُوحِ واحدٍ لِنكونَ جَسَدًا واحدًا، وارتَوَيْنا مِنْ رُوحٍ واحدٍ" (1قور 12، 13).

لذلك يصبح المعمّدون حجارة حيّة في بناء هيكل روحيّ، من اجل كهنوت مقدّس (1بط 2، 5)، بالمعموديّة نشارك جميعنا في كهنوت المسيح، وفي رسالته النبويّة والملوكيّة (1بط 2، 9).  بالمعموديّة نصبح شركاء في كهنوت المؤمنين العام.

إن المعمّد إذاً مدعو لأن يشارك في كهنوت المسيح العام، ومن ميزات الكهنوت أن يكون رابطاً بين الله والإنسان، وهذا ما على كلّ معمّد أن يقوم به في حياته اليوميّة، أن يعطي للوجود الإنساني بعداً أعمق، مرتبط بالله وبعالم الرّوح.  من صفات الكهنوت ايضاً التحويل، وعلى المؤمن المعمّد وظيفة تحويل هذا الكون الى كون يعود الى جماله الأوّل، تحويل منطق العنف الى منطق سلام، ومنطق الإنتقام الى منطق مغفرة، ومنطق الحقد الى منطق محبّة.  وهو أيضاً بالمعموديّة يشترك في وظيفة المسيح النبويّة، والنبيّ هو الشخص الّذي يعلن إرادة الله في المجتمع دون خوف، ويبشّر باقتراب ملكوت الله في حياته اليوميّة.  أما صفة الملوكيّة التي يشارك بها المعمَّدُ المسيح، فهي تنتج عن التبنيّ الإلهي الّذي يناله بالعماد، إذ يصبح أبن الله ملك الملوك وربّ الآلهة، فلا يحقّ له التصرّف عكس هذه الهويّة، ولا أن يلطّخ بنوّته الإلهية بأوحال الخطيئة.

 

بالمعموديّة يصبح الإنسان ملكاً لله وللكنيسة

حين يصبح المعمّد عضواً في جسد الكنيسة، لا يعود بعد ملكاً لذاته، "فَما أنتُم لأنفُسِكُم، بَلْ للهِ" (1قور 6، 19)، بل يصبح ملكاً لذاك الّذي مات وقام من أجلنا (2قور 5، 15)، لذلك هو مدعوّ لأن يخضع للآخرين (أفسس 5، 21)، ولأن يخدمهم (يو 13، 12- 15)، في جماعة الكنيسة، وأن يخضع لسلطة الكنيسة ولتعليمها (عب 13، 17)، وان يحترم رؤساء الكنيسة ويحبّهم (1تس 5، 12-13).  وكما أن على المعمّد واجبات، فلديه حقوق أيضاً في الكنيسة: أن ينال الأسرار، وأن يتغذّى بكلمة الله، وأن يستفيد في المساعدات الروحيّة في الكنيسة" (المجمع الفاتيكاني الثاني، نور الأمم 37).

 

المعمّد هو رجل إيمان ورسالة:

بما انّهم مولودون من العماد ليكونوا ابناء الله، على المعمّدين ان يعلنوا على الملأ الإيمان الّذي قبلوه من الله بواسطة الكنيسة، وأن يشاركوا في عمل شعب الله الرسوليّ والإرساليّ (المجمع الفاتيكاني الثاني، نور الأمم 37).

 

المعموديّة هي رباط وحدة بين المسيحيّين:

تشكّل المعموديّة رباط الوحدة بين كلّ المسيحيّين، وأيضاً مع الّذين لم يصلوا الى الوحدة الكاملة مع الكنيسة الكاثوليكيّة.  "فالّذين يؤمنون بالمسيح ونالوا العماد بطريقة صحيحة، هم في نوع من الشراكة، وإن كانت غير كاملة، مع الكنيسة الكاثوليكيّة.  بتبريرهم بمعموديّة الإيمان، يعتبرهم أبناء الكنيسة الكاثوليكيّة إخوة في الرّب.  وبالتالي فإن المعموديّة تكوّن رباط سريّاً من الوحدة بين الّذين ولدوا منها.

 

المعموديّة هي وسم أبديّ لا يُمحى

بلبسه المسيح بواسطة المعموديّة يصبح المعمّد شبيهاً بالمسيح (روم 8، 28)، وهذا السرّ يسم المسيحيّ بوسم روحيّ لا يُمحى، وسم انتماءه للمسيح.  هذا الوسم لا تمحيه أيّة خطيئة، رغم ان الخطيئة تمنع المعموديّة من إعطاء المعمّد ثمار الخلاص.  والمعموديّة التي تُعطى مرّة واحدة فقط لا يمكنها أن تُعاد.

المعموديّة تؤهّل المعمّد للمشاركة في حياة الكنيسة اللّيتورجيّة:

بما أن المعمّدين قد أصبحوا في جسم الكنيسة، فإنّهم ينالوا الوسم السرّي الّذي يكرّسهم خدّاماً للعبادة الإلهيّة المسيحيّة.  ووسم العماد يؤهّل المسيحيّ ويعطيه واجب خدمة الله بواسطة المشاركة الحيّة في ليتورجيّة الكنيسة المقدّسة وتفعيل وظيفتهم الكهنوتيّة التي نالوا من العماد والشهادة بسيرة بحياتهم المقدّسة، وبالمحبّة العاملة.

 

تجديد مواعيد العماد:

بما أنَّ المعموديّة لا يُمكن أن تتكرّر لأنّها وسم أبدي، فتجديد المعموديّة لا يمكن أن يكون إعادة لهذا السرّ.  إنّما هي وقفة تأمّل وفحص ضمير وندامة وتوبة.

فالخطيئة وإن كانت لا تلغي المعموديّة، إلاّ أنّها تمنع هذا السرّ من إعطاء الخلاص للخاطيء إن لم يتب، لذلك فالمسيحيّ مدعوّ لأن يتأمّل في مدى أمانته لمواعيد معموديّته، ويندم على تقصيره نحوها إن بالخطيئة التي اقترفها أو بإهمال واجبات معموديّته.

أي أن يندم على الخطايا التي قام بها والتي تقطع علاقته بالله وتجرح الجماعة الكنسيّة بأجمعها، وعلى إهماله لمواعيد معموديّته، أي الوعود التي قطعها هو شخصيّاً إن كان بالغاً، أو قطعها عنه والداه وهو طفل بأن يكون:

- إبناً لله من خلال كونه لابساً ليسوع المسيح وعائشاً على مثاله.

- أن يكون عضواً فعّالا في جسد المسيح السرّي، ينمّي الكنيسة في القداسة ولا يجرحها في الخطيئة.

- أن يكون رجل أو إمرأة الفضائل الإلهيّة:

o يتحلّى بالإيمان ويحافظ عليه وينمّيه في حياة الكنيسة.

o أن يضع رجاءه بالله وحده، ويعلم أنّه ليس وحيدً في هذا الكون بل أن عناية الله تدبّره وأنّه مدعوّ لنشر هذا الرجاء الإلهيّ في عالم يملأه اليأس.

o أن يكون عاملاً للمحبّة، فجوهر الله هو المحبّة، ولا يمكن للمعمّد أن يحيا دون محبّة القريب، لذلك عليه أن ينشر قيم المسامحة والغفران، والخدمة والوقوف الى جانب الضعيف والمريض والمتألّم والفقير واليائس...

- أن يعمل على الوحدة بين المسيحييّن من خلال الصلاة واحترام الإختلاف والتفتيش على ما هو مشترك بينهم.

- أن يؤمن بالله، وبالكنيسة وبالأسرار ويلتزم بها كغذاء ينمّيه بالروح ويساعده على القداسة لميراث الحياة الأبديّة.

- أن يأخذ جانب المسيح ويعتنق تعاليم إنجيله، ويرفض الشيطان وكلّ ما يوحي به إليه.

 

 

إقتراح رتبة تجديد المعموديّة

نشيد البدء: توبوا إلى الرّب إن الملكوت قريب.

المحتفل: باسم الآب والإبن والرّوح القدس من الآن وإلى الأبد

الجماعة: آمين

المحتفل متّجهاً إلى الجماعة: إخوتي الأحبّاء، نقف اليوم أمام الرّب نادمين على خطايانا وعلى خيانتنا للوعود التي قطعناها له حين تعمّدنا، نطلب منه أن ينقّي قلوبنا ونغوص روحيّاً في مياه المعموديّة، ونشكره على النعمة العظيمة التي أعطانا إياّها دون أن نستحقّها، نعمة أن نلبس المسيح ونصبح أعضاء في كنيسته المقدّسة، وبها غفرَ الخطيئة الأصليّة التي ورثناها بالولادة، وجعلنا أبناء له وإخوة لربّنا يسوع المسيح بقوة الروح القدس.

نعود إليه اليوم نادمين، ونطلب منه أن يجدّد نفوسنا وينقّي عقولنا ويطهّر ضمائرنا، لنعلن له من جديد اليوم بكامل إرادتنا، الوعود التي قطعها أهلنا وعرّابينا عنّا حين كنّا أطفالاً، فنعتق تعاليم المسيح ونرفض تعاليم الشريّر، لنستحق أن نكون للّه أبناء.

(تأخذ الجماعة فترة صمت وتأمّل، تقوم فيها بفحص ضمير، ويندم كلّ واحد على خطاياه ويطلب من الرّب المغفرة والقوّة ليحيا حياة مسيحيّة، ومن هو تحت الخطيئة المميتة فليعترف عند الكاهن).

المحتفل: إيها الرّب يسوع، يا ابن الله الحيّ، يا من بتجسّدك شاركتنا في كلّ شيء ما عدا الخطيئة، وبمعموديّتك أعطيتنا حياة جديدة وولدتنا للآب أبناء، بموتك على الصليب أعطيتنا الحياة، أعطنا اليوم أن نكون مجدّدين بروحك القدّوس، لنولد من جديد بواسطة التوبة كما وُلدنا من مياه المعموديّة للحياة الجديدة، لك المجد الى الأبد.

الجماعة: آمين

القراءات

قارىء: من رسالة القدّيس بولس الرسول الى أهل روما (6، 3-14)

ألا تَعلَمونَ أنَّنا حينَ تَعَمَّدْنا لِنَتَّحِدَ بالمسيحِ يَسوعَ تَعَمَّدْنا لنَموتَ معَهُ،  فدُفِنّـا معَهُ بالمعمودِيَّةِ وشاركْناهُ في موتِهِ، حتّى كما أقامَهُ الآبُ بقُدرَتِهِ المجيدَةِ مِنْ بَينِ الأمواتِ، نَسْلُكُ نَحنُ أيضًا في حياةٍ جديدَةٍ؟ فإذا كُنّا اَتَّحَدْنا بِه في موتٍ يُشبِهُ مَوتَهُ، فكذلِكَ نَتَّحِدُ بِه في قيامَتِهِ. ونَحنُ نَعلَمُ أنَّ الإنسانَ القَديمَ فينا صُلِبَ معَ المَسيحِ حتّى يَزولَ سُلطانُ الخَطيئَةِ في جَسَدِنا، فلا نَبقى عَبيدًا لِلخَطيئَةِ، لأنَّ الّذي ماتَ تَحرَّرَ مِنَ الخَطيئَةِ. فإذا كُنا مُتْنا معَ المَسيحِ، فنَحنُ نُؤمِنُ بأنَّنا سَنَحيا معَهُ. ونَعْلَمُ أنَّ المَسيحَ بَعدَما أقامَهُ اللهُ مِنْ بَينِ الأمواتِ لَنْ يَموتَ ثانيةً ولَنْ يكونَ لِلموتِ سُلطانٌ علَيهِ،  لأنَّهُ بِموتِهِ ماتَ عَنِ الخَطيئَةِ مَرَّةً واحدةً، وفي حياتِهِ يَحيا للهِ. فاحسبوا أنتُم أيضًا أنَّكُم أمواتٌ عَنِ الخَطيئَةِ، أحياءٌ للهِ في المَسيحِ يَسوعَ رَبِّنا.  فلا تَدَعُوا الخَطيئَةَ تَسودُ جَسدَكُمُ الفاني فتَنقادوا لِشَهَواتِه، ولا تَجعَلوا مِنْ أعضائِكُم سِلاحًا لِلشَّرِّ في سَبيلِ الخَطيئَةِ، بَلْ ْ كونوا للهِ أحياءً قاموا مِنْ بَينِ الأمواتِ، واجعَلوا مِنْ أعضائِكُم سِلاحًا لِلخَيرِ في سَبيلِ اللهِ، فلا يكون لِلخَطيئَةِ سُلطانٌ علَيكُم بَعدَ الآنَ. فما أنتُم في حُكْمِ الشَّريعةِ، بَلْ ْ في حُكمِ نِعمَةِ اللهِ.

فترة قصيرة من الصمت والتأمّل

ترتيلة: يا ربّ إستعملني لسلامك

المحتفل: من إنجيل ربّنا يسوع المسيح للقدّيس مرقس (1، 1-14)

بِشارةُ يَسوعَ المَسيحِ اَبنِ اللهِ، بَدأتْ كما كَتبَ النَّبـيُّ إشَعْيا: ها أنا أُرسِلُ رَسولي قُدَّامَكَ ليُهيِّـئَ طَريقَكَ  صوتُ صارِخٍ في البرِّيَّةِ:هَيِّئوا طَريقَ الرَّبِّ،واَجعَلو سُبُلَهُ مُستقيمَةً.  فظَهرَ يوحنَّا المَعمدانُ في البرِّيَّةِ يَدعو النَّاسَ إلى مَعموديَّةِ التَّوبةِ لتُغفَرَ خَطاياهُم.  وكانوا يَخرُجونَ إلَيهِ مِنْ جميعِ بِلادِ اليَهوديَّةِ وأُورُشليمَ فيُعَمِّدهُم في نهرِ الأُردُنِ، مُعتَرِفينَ بِخطاياهُم.   وكانَ يوحنَّا يَلبَسُ ثَوبًا مِنْ وبَرِ الجِمالِ، وعلى وَسْطِهِ حِزامٌ مِنْ جِلدٍ، ويَقتاتُ مِنَ الجَرادِ والعسَلِ البرِّيِّ.  وكانَ يُبشِّرُ فيقولُ: يَجيءُ بَعدي مَنْ هوَ أقوى منِّي. مَنْ لا أحسبُ نفْسي أهلاً لأنْ أنحَنيَ وأحُلَّ رِباطَ حِذائِهِ. أنا عَمَّدتكُم بالماءِ، وأمَّا هوَ فيُعمِّدُكُم بالرُّوحِ القُدُسِ. وفي تِلكَ الأيّامِ جاءَ يَسوعُ مِنَ النّـاصِرَةِ الّتي في الجَليلِ، وتَعمَّدَ على يَدِ يوحنَّا في نَهرِ الأُردُنِ.  ولمَّا صعدَ يَسوعُ مِنَ الماءِ رأى السَّماواتِ تنفَتِـحُ والرُّوحَ القُدُسَ يَنزِلُ علَيهِ كأنَّهُ حَمامةٌ.  وقالَ صوتٌ مِنَ السَّماءِ: أنتَ اَبني الحبـيبُ، بِكَ رَضِيتُ. وأخرجَهُ الرُّوحُ القُدُسُ إلى البرِّيَّةِ،  فأقامَ فيها أربَعينَ يومًا يُجرِّبُهُ الشَيطانُ. وكانَ هُناكَ معَ الوُحوشِ. وكانَت تخدُمُهُ الملائِكةُ.

فترة قصيرة من الصمت والتأمّل

ترتيلة: يا من تعمّدتَ.

تجديد مواعيد المعموديّة

المحتفل: أيّها الآب السماويّ، يا من خلقتنا لأنّك احببتنا، وأردتنا أن نكون شركاء لك في الحياة الإلهيّة، وبكبريائنا رفضناك وجعلنا من أنفسنا آلهة لك، ولأنّك أبٌ لم تتركنا، بل دخلت في عهد معنا من جديد، من خلال آباء العهد القديم، ولمّا أهملنا هذا العهد وتركناك من أجل آلهة آخرى، آلهة المال والّلذة والشهوة، آلهة السلطة والكبرياء والحقد، أرسلت لنا الأنبياء ليعلنوا اقتراب الملكوت وضرورة العودة اليك، لأنّك الإله الواحد، ولأنّك وحدك تحبّنا.  ولقساوة قلوبنا تركناك واهملنا وصاياك.  ورغم هذا بقيت تحبّنا، وتنتظرنا كما ينتظرالأب عودة أبنه الضّال وكما تنتظر الأم عودة وحيدها الضائع.  وفي ملء الزمن أرسلت ابنك يسوع فتجسّد من العذراء ليعيدنا اليك بدمه الإلهيّ، فأعطانا المعموديّة ومن خلالها صرنا لك أبناء.  أعطيتنا عائلة مسيحيّة وأهلاً يوصلون لنا كلمتك ويربّوننا على مخافتك، ورغم نعمك هذه كلّها، تركناك من جديد واهملنا محبّتك لنا ونسينا مواعيد عمادنا، تناسينا وعدنا لك وللكنيسة بان نكون دوماً تلاميذ لأبنك ومبشّرين بإنجيله.  أهملنا وصيّة الحب وامتلأ قلبنا حقداً، تركنا وصيّة المغفرة وفتّشنا عن الإنتقام، نسينا دعوتنا الى ان نكون رسل رجاء وامتلأت حياتنا يأساً، نسينا ان دعوتنا هي أن نخدم من هم بحاجة الينا وفتّشنا عن صالحنا الفرديّ.

لذلك نعود اليك اليوم، نادمين على خيانتا لحبّك الأبوّي، ونعلم أنّك تغفر لنا، فأعطنا القوّة لنغفر لأنفسنا، ونقبل ذاتنا على حقيقتنا ونعمل على التقدّم الرّوحي، وقوّنا لنغفر بعضنا لبعض فنصبح فعلاً أعضاء متعدّدة في جسد ابنك الوحيد.  أعطنا الشجاعة لنتوب حين نخطأ، والقوّة لنسير على درب القداسة، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، وبمعونة ملاكنا الحارس وجميع ملائكة الله والقديّسين شفعائنها، لك المجد ولأبنك الوحيد ربّنا يسوع المسيح ولروحك الحيّ القدّوس، لك المجد الى الأبد.

الجماعة: أمين

المحتفل: إخوتي، أنتم الّذين لبستم المسيح بواسطة ماء المعموديّة، هل تريدون ان تتركوا الخطيئة وتحيوا في حرّية أبناء الله؟

الجماعة: نعم نريد.

المحتفل: هل تكفرون بأفكار الشرّير وما يقدّمه لكم، فلا تجعلوه يتملّك عليكم؟

الجماعة: نعم، نكفر بالشرّير وبكلّ تعاليمه.

المحتفل: هل تكفرون بالشيطان مصدر كلّ شرّ وخطيئة؟

الجماعة: نعم نكفر بالشيطان أب الكذب، وبكلّ ما يمليه علينا.

المحتفل: هل تؤمنون بالله، الآب الضابط الكلّ، خالق السماوات والأرض؟

الجماعة: نعم، نؤمن بالله الآب الضابط الكلّ، أب ربّنا يسوع المسيح.

المحتفل: أتؤمنون بربّنا يسوع المسيح، أبن الله الوحيد، المولود من العذراء الطاهرة مريم؟

الجماعة: نعم، نؤمن بربّنا يسوع المسيح، إين الله الوحيد والمساوي له في الجوهر، الّذي تجسّد من مريم العذراء واعتمد وتألّم ومات وقُبر، وقام في اليوم الثالث وأقامنا معه من الموت، وهو يجلس عن يمين الله الآب، وسوف يأتي في المجد ليدين الأحياء والأموات. نؤمن به ونعلنه ملكاً اوحد على حياتنا.

المحتفل: هل تجاهرون بإيمانكم بالرّوح القدس، الرّب والمُحيي وتسجدون له مع الآب والإبن؟

الجماعة: نجاهر ونعلن ونسجد له، ونطلب نِعَمَه المحيّية.

المحتفل: أتؤمنون بالكنيسة جسد المسيح السرّي وموزّعة أسراره، وبشركة القدّيسين وبمغفرة الخطايا، وبقيامة الأجساد وبالحياة الأبديّة؟

الجماعة: نؤمن، ونعد الّرب أن نكون أعضاءً فعّالين من جسم كنيسته، ملتزمين بأسرارها، وبشركة القدّيسين الكاملة، متّكلين على صلوات إخوتنا القدّيسين الّذين سبقونا الى الملكوت ومصّلين من أجل إخوتنا المتألّمين في المطهر، لنؤهّل معاً لميراث الحياة يوم الدينونة العظيم.

المحتفل: فليباركّْكم الرّب الإله، ويعضدْكُم بنعمته لتكونوا أهلاً لحمل اسمه والمحافظة على وسم معموديّتكم طاهراً نقيّاً من وصمة الخطيئة، ليحفظكم الرّب الإله، ويضيء بوجهه عليكم، لكي تعرفوا في الأرض طريقه، وفي جميع الأمم تعلنوا خلاصه. بشفاعة أمّنا مريم العذراء، والقدّيس يوحنّا المعمدان وجميع الملائكة والقدّيسين.

الجماعة: آمين

نشيد الختام: الرّوح يجمعنا.