عظات
١٦‏/٥‏/٢٠١٧ زمن العنصرة | الأب بيار نجم ر.م.م

الأحد التاسع من زمن العنصرة

يأتي هذا الإنجيل بعد عماد يسوع في الأردن، وصومه لـ40 يوماً وقهره للشيطان الذي جرّبه 3 مرّات. هو بداية انهيار ملك الشيطان، وإعلان ملكوت الله. نرى يسوع دوما مُنقاداً لروح القدس. جاءَ، لا لينقض، بل ليُكمل. وابتدأ بضيعته الناصرة "حيثُ نشأ". وفي هذا درسٌ لنا، بأن رسالة كلّ مسيحي تبدأ في عائلته، وبين اقاربه، قبل أن ينطلق إلى نهاية العالم.

لوقا 4: 14-21

وعَادَ يَسُوعُ بِقُوَّةِ الرُّوحِ إِلى الـجَلِيل، وذَاعَ خَبَرُهُ في كُلِّ الـجِوَار. وكانَ يُعَلِّمُ في مَجَامِعِهِم، والـجَمِيعُ يُمَجِّدُونَهُ. وجَاءَ يَسُوعُ إِلى النَّاصِرَة، حَيْثُ نَشَأ، ودَخَلَ إِلى الـمَجْمَعِ كَعَادَتِهِ يَوْمَ السَّبْت، وقَامَ لِيَقْرَأ. وَدُفِعَ إِلَيهِ كِتَابُ النَّبِيِّ آشَعْيا. وفَتَحَ يَسُوعُ الكِتَاب، فَوَجَدَ الـمَوْضِعَ الـمَكْتُوبَ فِيه: "رُوحُ الرَّبِّ علَيَّ، ولِهـذَا مَسَحَني لأُبَشِّرَ الـمَسَاكِين، وأَرْسَلَنِي لأُنَادِيَ بِإِطْلاقِ الأَسْرَى وعَوْدَةِ البَصَرِ إِلى العُمْيَان، وأُطْلِقَ الـمَقْهُورِينَ أَحرَارًا، وأُنَادِيَ بِسَنَةٍ مَقْبُولَةٍ لَدَى الرَّبّ". ثُمَّ طَوَى الكِتَاب، وأَعَادَهُ إِلى الـخَادِم، وَجَلَس. وكَانَتْ عُيُونُ جَمِيعِ الَّذِينَ في الـمَجْمَعِ شَاخِصَةً إِلَيْه. فبَدَأَ يَقُولُ لَـهُم: "أَليَوْمَ تَمَّتْ هـذِهِ الكِتَابَةُ الَّتي تُلِيَتْ على مَسَامِعِكُم".

نرى ايضا أن يسوع هو رجل الصلاة، ابن المجمع\الكنيسة. فهو لم يبدأ رسالته إلاّ من قبل المجمع اليهودي، بالإصلاح الداخلي، والعمل على تنظيف بيته أوّلا. كان يسوع وعائلته مواظبين على الصلاة، على ارتياد المجمع في السبوت والأعياد، وعلى زيارة الهيكل. فعبادة الله لا تكون بلا إطار، مزاجيّة، واعتباطيّة. فليس هناك من خلاص، بخاصة للمسيحيين خارج عن الكنيسة، كما أنّه ليس من طريق إلى الآب، إلا بيسوع الميسح.

لكن فحوى إنجيل هذه الأحد هو رسالة الإنجيل، ورسالة كلّ مسيحي، ولقدّ لخّصها آشعيا.

"روحُ الربّ عليّ لأنّه مسحني"

لا يعمل الرسول، أو المسيحي من ذاته، بل هو منقادٌ دوما للروح القدس، وهو أيضا مكرّس من الله الذي "اختارنا أوّلا". "مَن آمَنَ بي لم يؤمن بي أنا، بل بالّذي أرسلني. ومَن رآني رأى الذي أرسلني." (يوحنا 12\44).، ويزيدُ في انجيل يوحنا 5\30 "أنا لا استطيع أن أفعل شيئا من عندي، بل أحكم على ما أسمع وحكمي عادل لأنّي لا أتوّخى مشيئتي بل مشيئة الّذي أرسلني". وفي الآية 34 يقول: "الآب الذي أرسلني هو يشهدُ لي."  "طعامي هو أن أعمل مشيئة أبي" (يوحنا 4\34).

وتكمل نبؤة أشعيا، شارحةً رسالة المسيح، وكل مسيحي منّا: جئتُ:

"لأبشّر الفقراء،

وأرسلني لأُعلنَ للمأسورينَ تخليةَ سبيلهم

وللعميان عودة البصر إليهم

وأفرّجَ عن المظلومين

وأعلنَ سنةَ رضىً عندَ الرّبّ."

فرسالة الإنجيل، البُشرى الحلوة، ليس رسالة تهويل ورعب، بل رسالة خلاص. الله لا يتدّخل في حياتنا ليُعنّفنا، ولا حتى ليدننا، بل كفادي ومخلّص. تقول الأم القديسة ترازيا الكلكوتيّة: "في كلّ مرّة أعطي\أعترفُ بخاطاياي للمسيح، أعطيه بهجة خلاصي." فنحنُ كبشر ليس لدينا إلاّ خطايانا، لأنّ كل "عطيّة صالحة فينا هي من الله". ورغم ذلك عندما نقدّم خطايانا لله، بتوبة صادقة في سرّ الإعتراف، فهو يكون مسروراً، ويصيرٌ عيدٌ في السماء، تفرحٌ في الملائكة لخلاصنا.

رسالة الكنيسة هي الدفاع عن الفقراء، كما في انجيل الاحد الماضي. لقد حرّر يسوع السقيم يوم السبت، لكي لا يكون رهنا لظلم الآخرين، بل حُرّاً، يستطيع أن يتبع المسيح.